صباح الخير يا هيثم"...
ارتفع عدد ضربات قلبه بشده لدى سماعه لتلك الكلمه الرقيقه، التي انطلقت من بين شفتين رفيعتين
بصوت انثوي عذب، يحمل في طياته اطنانا من الحنين و الدفء مع لمحة من لهفه خفيفه لا تشعر
بها سوى اذن حبيب قديم.
ابتلع ريقه عدة مرات في صوت مسموع، قبل ان يقول في صوت مهتز حاول جاهدا ان يداري اضطرابه:
"صباح الخير يا انسه ناديا"
ارتسمت على شفتيها ابتسامه خفيفه لاسلوبه المهذب و اصراره على مناداتها بلقب "انسة" رغم
مناداتها اياه بدون القاب؟ ثم لم تلبث تلك الابتسامه ان تاهت سريعا وراء طن من الاوراق المتراصه
امامها و التي انهمكت في مراجعتها، و ان استطاعت نظراتها الخاطفه ان تتلمس طريقها وسط
الزحام، لتصل اليه و تراقبه في كل دقيقه، كل حركاته و سكناته و حديثه و صمته، كل انفعالاته كانت
تصل الى قلبها قبل حتى ان يقوم بها.
و لم يكن هو باقل حال منها، لقد التحق بتلك الوظيفة ليجدها امامه بكل سحرها و اناقتها و رقتها،
ادرك منذ اللحظه الاولى التي راها فيها ان تلك الفتاة الرقيقه التي تمشي امامه دون ان تطا قدماها
الارض، و تتحدث دون ان تنفرج شفتاها، هي نفس تلك الفتاة التي راودت احلامه لسنوات طويله
و ارقت منامه ليال طوال، و هي نفس تلك الصوره التي رسمها قلبه قبل ان ينقلها قلمه الى اوراقه،
و هي بطلة كل خواطره و اشعاره.
مرت الايام و تكررت العبارات و اتسعت لتصبح محادثات طويله، ثم ذابت لتصير حكايات عديده
لم يدر من اين اتى بها و لا عماذا كانت تدور.
و في تلك الليله عندما اتى النوم لزيارته، لم يجد عنده وقت كاف لاستقباله، فقد انشغل كل تفكيره بها،
لا بد ان يكلمها، لا بد ان يبوح لها بما يجتاح نفسه، و يعتمل في اعماقه من مشاعر تجاهها.
مكث ساعات طوال ينتقي الكلمات، و يقطف من بساتين اشعاره افضل العبارات التي سيلقيها على
مسامعها غدا، الى ان اطمئن قلبه و هدات نفسه و سمح للنوم ان يتسلل خفيفا الى اعماقه، و يمتزج
مع صورتها و كلماته التي اختارها لتكون صوره جميله للقائهما غدا، ظلت تداعب احلامه حتى الصباح.
و في الصباح انطلق مسرعا اليها حاملا قلبه بين يديه، وصل ليجدها امامه برقتها و جمالها
المعهودين، و كعادتها ايضا القت عليه تحية الصباح في نعومه شديده، و لكنها و على غير عادتها لم
تستدر لتواجه اوراقها، بل ظلت تنظر اليه في لهفه و تردد.
شعر هو بأن هذه هي اللحظه المناسبه، و عندما هم ان ينطق ابى لسانه ان ينطق،
و تمنى لو انشقت الارض و ابتلعته لتخفيه عنها.
الا انه فوجيء بها تقول في صوت خافت:
هيثم، انني لم انم طوال الليل، كنت افكر بك دوما، و لم استطع كبح جماح عاطفتي،
و بالامس فقط حسمت ترددي، و قررت ان اقول لك.......
انني احبك يا هيثم.
- ماذا تقولين؟؟؟؟؟؟؟؟
رددت دون وعي و دون ان تلاحظ تلك اللهجه الغريبه التي نطق بها جملته :
- نعم، احبك، احبك يا هيثم، احبك منذ اول لحظه وقعت عيناي عليك شعرت انني ........
- كيف تجرئين على قول هذا؟ الا تشعرين بالخجل؟
بهتت لقوله و شعرت بأن الارض تميد تحت قدميها، ثم قالت له بصوت مبحوح:
- و لكني شعرت بانك تحبني، و لم تستطع ان تفضي الي بهذا و لكني شعرت به.
-شعرت بذلك، و هل سمحت لنفسك بأن تقولي هذا الكلام لشخص غريب لا تعرفيه لمجرد انك شعرت؟
ثم انني لو احببت فتاة لقلت لها هذا دون ادنى تردد، فانا رجل، و حتى لو كنت احبك، كما تزعمين، فكيف اثق بك...
كيف اتاكد انك لم تقولي هذه الكلمه لكثير قبلي؟
- و لكنني متاكده، اقصد كنت متاكده من انك تحبني، ان قلب المراة لا يخطيء ابدا...
- و هاهو قد اخطا، فماذا ستفعلين الان عندما تحبي و تتزوجي من شخص اخر، هل ستصارحينه بانك
كنت تحبين شخصا قبله؟ و انك قلت له هذا؟ ام انك ستحاولين ايهامه بان تلك الكلمه الرقيقه التي
ينتظرها كل محب من حبيبته قد انطلقت لاول مره من بين شفتيك له وحده؟
لم تستطع ان ترد امام منطقه، و لم تستطع في نفس الوقت ان تقتنع به،
و لكن كل ما فعلته ان قالت له من بين دموعها و جروحها :
- انت قليل الذوق
ثم عادت لتخفي نفسها وراء الاوراق التي شعرت لاول مره انها قليله لا تكاد تخفيها،
و عاد هو الى مكانه في اعتداد مرفوع الراس، و هو واثق في قرارة نفسه من ان هذه الفتاة الضعيفة التي لا حول و لات قوة لها،
ليست بالتاكيد المناسبه له، و انه كان واهما في حبه لها و ذلك لانها قالتها....... اولا.
__________________
هالهيثم يفكر نفس تفكيري
اين انت ياهيثم ,, ؟