[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]جهز الغلام (عادل) نفسه للانطلاق على متن دراجته النارية إلى البلدة المجاورة لجلب (التموين الشهري) لعائلته، وقبيل انطلاقه بالدراجة أصر قريبه (محمود) على مرافقته رغم تنبيه له –وبحسب عادل- لـ (محمود) بعدم قيامه بذلك لكون أهل الطرفين الذين تربطهم علاقة قربى لا يرغبون بذلك، إلا أن ذلك ذهب أدراج الرياح مع إصرار (محمود) على مرافقته كنوع من الإثبات لاستقلال رأيه كأي فتى في هذا العمر يحاول الاعتداد برأيه..
انطلقت الدراجة وعلى متنها الاثنان سالكة إحدى الطرق الفرعية غير المعبدة وبعد قطعها لمسافة 3 كم أوقف (عادل) الدراجة لقضاء حاجته بين الأشجار، نزل على إثرها مشيراً على قريبه بعدم إدارة محركها والذي استغل غياب (عادل) ليحاول اختبار قدراته في قيادتها، إلا أنه لم يتمكن من السيطرة عليها فانقلبت الدراجة وسقط من فوقها ليدخل في غيبوبة فيما كان الزبد يخرج من فمه وهو بلا حراك..
الموقف استرعى خروج (عادل) من وسط الأشجار بعد حين ليشاهد ما حدث، حيث كانت الدراجة وعلى مسافة 100 م شبه محطمة فيما (محمود) راقد بجوارها بلا حراك.. بدا القلق والخوف والارتباك على وجه الغلام وأصبح يضرب أخماساً بأسداس والخوف يتصاعد من تبعات الموضوع وخاصة من قبل الأهل فيما لو وصل الخبر إلى مسامعهم..
في تلك الأثناء تصادف مرور سيدة وابنتها بجوار المكان والتي لم تعر للأمر الاهتمام المطلوب، مشيرة على الغلام إسعافه ومضت على إثرها في طريقها..
لم يكن أمام (عادل) وأمام تفاقم خوفه من السين والجيم وعواقب ما قد يحدث وهو بهذه السن سوى الانقياد إلى فكرة غبية وساذجة سيطرت على بؤرة تفكيره.. قام بتنفيذها بسحب (محمود) إلى حافة الطريق دون أن يتأكد فيما إذا كان مغمى عليه أو أنه فارق الحياة وضربه على رأسه بحجر متوسط بقصد تمويه الحادثة لتبدو وكأنها حادث سير، ما أدى لتهشم رأس الضحية وتناثر دمائه وسط المكان، تابع سيره بعدها على عجل لشراء ما كان مقرراً والعودة إلى المنزل..
*اكتشاف على الطريق*كانت عودة (عادل) إلى المنزل قد لفتت انتباه أهله مع رؤيتهم لحال الدراجة المهشمة في أجزاء منها، فكان جوابه أنه اصطدم بالجدار لكونه أخذها دون علم.. في تلك الأثناء كانت جثة الغلام الآخر لا تزال ملقاة على الطريق قبل أن يلمحها شخص كان يمر على دراجة نارية والدماء حولها، فقام بإبلاغ الجهات المعنية..
بوصول البلاغ إلى مديرية منطقة جبل سمعان وضع العميد يوسف رزق جمال مدير المنطقة قائد شرطة المحافظة اللواء ياسر الشوفي بما لديه من معلومات، فأوعز بسرعة المتابعة الميدانية.
*حضور ومعاينة*يفيد شهود عيان عن حضور مكثف من قبل الأجهزة الأمنية إلى المكان وعلى رأسهم معاون قائد الشرطة ورئيس فرع الأمن الجنائي وعدد من ضباط الفرع، كما تم إعلام القاضي المناوب والطبابة الشرعية والذي أشار لوجود تهشم لجزء من الجمجمة جراء الضرب بحجر كان في المكان، إضافة لوجود آثار لجرّ الجثة، كما تبين عدم وجود آثار للعنف على جسد الضحية نهائياً، ما عزز القناعة بأن الموضوع لا يبدو كحادث سير قبل أن يأمر قاضي التحقيق بسام تلجبني بنقل الجثة إلى الطبابة الشرعية.
*مسار جديد*
بدأت التحقيقات تأخذ منحى آخر جراء تلك المعلومات والمعاينة الميدانية ولا سيما أن غياب المغدور عن منزله قد دفع بذويه لتنظيم ضبط بغيابه وأن آخر مرة شوهد فيها كان صعوده خلف قريبه رغم محاولة منعه من قبل شقيقه، فحامت الشبهات حول (عادل) الذي تم إلقاء القبض عليه، وبعد جولة من التحقيقات أشار لركوبه الدراجة مع قريبه بهدف شراء (التموين العائلي) وإقدامه على ضرب الضحية بقصد التمويه على ما حدث وذكرناه أعلاه، وتركه لينهي عمله ويعود إلى المنزل..
*درس وعبرة*هي جريمة قد تبدو خارجة عن المألوف في سير أحداثها لكنها تترك أكثر من تساؤل تدور محاوره حول انعدام الوعي وأسلوب التعامل مع المواقف التي تعترض الفئات العمرية الصغيرة وخاصة مرحلة المراهقة، ولعل ذلك يعود في النهاية إلى دور الأهل في الحوار مع أبنائهم ومدّهم بخبراتهم الحياتية كذخيرة للتعامل مع ما يعترضهم من مواقف كتلك الحالة.. كما يبرز من خلال القضية الدور السلبي للمرأة التي مرت بجوار الحادثة واكتفت بما قامت به، ولو أنها عاينت الضحية لاكتشفت أنه كان مغمى عليه فقط جراء السقوط وقبل ضربه بالحجر، ولمنعت جريمة ارتكبت بتلك البساطة.. وهي رسالة إلى كل المجتمع لأخذ الدرس والعبرة منه لا زيادة لا نقصان..
***
لا اله الا الله***