هاهي دمعة أخرى تصعد كالصخرة ناشبة أظفارها في صدري، أكملي مرورك أيتها العبارة، فقد لا أخرج من تحت الماء.
كل شيء يمضي ببطء شديد وخانق
كل شيء يتبدد إلا عبق الحزن
كوني أيتها العبارة روحي المتجهة إلى ذلك المقام المقدس، إلى الغائبة الحاضرة التي لونت ذات يوم حياتي بألوانها الساطعة.
اخرجي من قبرك وبللي ذقني واملئي راحتي وافتحي لي باب العبادة:
سيدة الشرف والحلم والقوة، وإنك كذلك سيدة الحب أتية كالنهر المنسي.
طويلاً إلى الأبد سأصغي إلى كلامك الحكمة، كلامك الكتب والشعر والغناء، كلامك التراتيل والصوت الأليف.
هل ترينني كل صباح أخطو إلى ذلك المكان المسور بأشجار الصنوبر حيث ظلالها على القبر الرخامي يزينها اسمك الجميل.
الحق، الحق أقول لكم: أريد أن أبكي لكن يعوزني وقت آخر كي استمر في البكاء، وعمر آخر كي أفكر فيك وأقبلك قبلة الصباح.
لست من الحكمة أيها الرجال
ها أنا ثلج قاسٍ
تدور بي اللوعة، ويخطفني الحب عن الحجارة، أمشي في الشوارع والطرقات كالفقراء، مسكوناً بالبكاء، أشكو حالي للناس على الأرصفة والأمهات وأطفال المدارس.
آهٍ
مازلت تتموجين في دمي كنهر صاخب، كقمر يغيب وشمس تشرق.
كانت يدك الوردة وكانت ابتسامتك الحياة وكنت بين يديك ككسرة خبزاً وملعقة زيت لا أعرف.. لا أعرف..
«من أي كوكب أتيت رأيت الحسن حيران في جوانبك»
هكذا، في ذاكرتي وأنت مسبلة العينين، الغربة في مركبي والرمل ينتشر في رياحي وعلى الجفون لا فتنة في الشوارع ولا نساء جميلات.
لو بقيت لي، لكنت الفتنة الأحلى وأجمل النساء لو بقيت لي ليأخذوا الدنيا وما فيها.
لو بقيت لي لكنت أرتفع رويداً رويداً لأقبّل وجهك الساحر
أيتها الراحلة في نعش من ورد أبيض كل هذا الكلام وتحرقني نار الوحشة،
فماذا أخبئ لك غير أنا؟
أنا شريد الأرصفة والحزن عباءتي
بيتي يا حبيبتي برحيلك أصبح في العراء والحياة تشهد بكائي والنجوم.
ها أنا أداري حزني في الغرف المنسية دائماً أتخيل معجزة تدقين فيها الباب وتعودين، هذه أحلام لبست بدعة، وعندما أحلم، أعبق بالحزن عباءتي السوداء، وأجدف كالخرافة في أمواج دموعي الوهمية.
فبعد رحيلك لم يجد رأسي متكأًيستعين به على العاصفة.
كنت وما زلت وحدي دائماً ومعك دائماً حلماً ويقظة وكأس ماء للظمأ
برحيلك!
صارت غربتي غربتين وأنا في حيرة وضياع وخوف، كنت سندي وكان ساعدك يحميني من السقوط.
أين أمشي الآن وإلى أين؟
لا أعرف.. لا أعرف إن كنت موجوداً أو ليس لا، أتلمس نفسي فلا أجد نفسي، أتلمس الآخرين فلا أجد أحداً.
هل أنا هنا؟ أم لست هنا؟ أم أين أنا
كيف أهرب مني، كيف أمسك بي، سوى أنني لست أنا؟
مازلت أحلم بك جسداً أزلي الفيض
مأخوذاً بك دون توقف، جسداً نورانياً يشع في الظلمة الحالكة.
وأحاول
ولا أجرؤ لئلا أعطل ضياعي، لئلا أقع في أوهامي.. فأقع.
أحلم بك وذهولي يتحرك ولا يتحرك أنا اليقظ الضال عمود الرمل المتماسك ليس في البحر من موضع حجم شهوتي للغرق تعالي
انهضي من تحت الرخام
لم أعد استطيع صبراً على الغياب
أيمكن.. أيمكن أن يصبح الموت هو الحياة؟
ياللفجر عندما كان يشرق لأجلك هو اليوم عتمة النهوض ورماد اللحظة
كيف لي أن استسلم من دون حضورك؟!
كيف لي أن أسافر دون أن تكوني إلى جانبي
كيف لي أن أدخل مطعماً دون أن تكوني على الكرسي المقابل.
بت لا أحب السفر حتى لا أسافر وحدي
لقد «تخربطت» عليّ الدنيا ودبت حولي الفوضى وها أنا أطلب الرحمة وأسرف في السجود